مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وأمه أم عثمان وهي آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج بن الحارث بن ثعلبة بن مالك بن كنانة وأمها الصعبة بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي فولد مروان بن الحكم ثلاثة عشر رجلا ونسوة عبد الملك وبه كان يكنى ومعاوية وأم عمرو وأمهم عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية وعبد العزيز بن مروان وأم عثمان وأمهما ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب من كلب وبشر بن مروان وعبد الرحمن درج وأمهما قطية بنت بشر بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب وأبان بن مروان وعبيد الله وعبد الله درج وأيوب وعثمان وداود ورملة وأمهم أم أبان بنت عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وعمرو بن مروان وأم عمرو وأمهما زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومحمد بن مروان وأمه زينب أم ولد قالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومروان بن الحكم بن ثماني سنين فلم يزل مع أبيه بالمدينة حتى مات أبوه الحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان بن عفان فلم يزل مروان مع بن عمه عثمان بن عفان وكان كاتبا له وأمر له عثمان بأموال وكان يتأول في ذلك صلة قرابته وكان الناس ينقمون على عثمان تقريبه مروان وطاعته له ويرون أن كثيرا مما ينسب إلى عثمان لم يأمر به وأن ذلك عن رأي مروان دون عثمان فكان الناس قد شنفوا لعثمان لما كان يصنع بمروان ويقربه وكان مروان يحمله على أصحابه وعلى الناس ويبلغه ما يتكلمون فيه ويهددونه به ويريه أنه يتقرب بذلك إليه وكان عثمان رجلا كريما حييا سليما فكان يصدقه في بعض ذلك ويرد عليه بعضا وينازع مروان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فيرده عن ذلك ويزبره فلما حصر عثمان كان مروان يقاتل دونه أشد القتال وأرادت عائشة الحج وعثمان محصور فأتاها مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص فقالوا يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور ومقامك مما يدفع الله به عنه فقالت قد حلبت ظهري وعريت غرائزي ولست أقدر على المقام فأعادوا عليها الكلام فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم فقام مروان وهو يقول وحرق قيس علي البلاد حتى إذا استعرت أجذما فقالت عائشة أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحا وأنكما في البحر وخرجت إلى مكة أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إسحاق بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال كان مروان يقاتل يوم الدار أشد القتال ولقد ضرب يومئذ كعبة ما يظن إلا أنه قد مات مما به من الجراح أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني خالد بن الهيثم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي حفصة مولى مروان قال خرج مروان بن الحكم يومئذ يرتجز ويقول من يبارز فبرز إليه عروة بن شييم بن البياع الليثي فضربه على قفاه بالسيف فخر لوجهه فقام إليه عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي بسكين معه ليقطع رأسه فقامت إليه أمه التي أرضعته وهي فاطمة الثقفية وهي جدة إبراهيم بن العربي صاحب اليمامة فقالت إن كنت تريد قتله فقد قتلته فما تصنع بلحمه أن تبضعه فاستحيا عبيد بن رفاعة منها فتركه أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني شرحبيل بن أبي عون عن عياش بن عباس قال حدثني من حضر بن البياع يومئذ يبارز مروان بن الحكم فكأني أنظر إلى قبائه قد أدخل طرفيه في منطقته وتحت القباء الدرع فضرب مروان على قفاه ضربة فقطع علابي رقبته ووقع لوجهه فأرادوا أن يذففوا عليه فقيل تبضعون اللحم فترك أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني حفص بن عمر بن عبد الله بن جبير عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة قال قال لي أبي بعد الدار وهو يذكر مروان بن الحكم عباد الله والله لقد ضربت كعبه فما أحسبه إلا قد مات ولكن المرأة أحفظتني قالت ما تصنع بلحمه أن تبضعه فأخذني الحفاظ فتركته أخبرني موسى بن إسماعيل قال حدثني جويرية بن أسماء عن نافع قال ضرب مروان يوم الدار ضربة جدت أذنيه فجاء رجل وهو يريد أن يجهز عليه قال فقالت له أمه سبحان الله تمثل بجسد ميت فتركه قالوا فلما قتل عثمان وسار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان خرج معهم مروان بن الحكم فقاتل يومئذ أيضا قتالا شديدا فلما رأى انكشاف الناس نظر إلى طلحة بن عبيد الله واقفا فقال والله إن دم عثمان إلا عند هذا هو كان أشد الناس عليه وما أطلب أثرا بعد عين ففوق له بسهم فرماه به فقتله وقاتل مروان أيضا حتى ارتث فحمل إلى بيت امرأة من عنزة فداووه وقاموا عليه فما زال آل مروان يشكرون ذلك لهم وانهزم أصحاب الجمل وتوارى مروان حتى أخذ له الأمان من علي بن أبي طالب فأمنه فقال مروان ما تقرني نفسي حتى آتيه فأبايعه فأتاه فبايعه ثم انصرف مروان إلى المدينة فلم يزل بها حتى ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة فولى مروان بن الحكم المدينة سنة اثنتين وأربعين ثم عزله وولى سعيد بن العاص ثم عزله وأعاد مروان ثم عزله وأعاد سعيد بن العاص فعزله وولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان فلم يزل على المدينة حتى مات معاوية ومروان يومئذ معزول عن المدينة ثم ولى يزيد بعد الوليد بن عتبة المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان فلما وثب أهل المدينة أيام الحرة أخرجوا عثمان بن محمد وبني أمية من المدينة فأجلوهم عنها إلى الشام وفيهم مروان بن الحكم وأخذوا عليهم الأيمان ألا يرجعوا إليهم وإن قدروا أن يردوا هذا الجيش الذي قد وجه إليهم مع مسلم بن عقبة المري أن يفعلوا فلما استقبلوا مسلم بن عقبة سلموا عليه وجعل يسائلهم عن المدينة وأهلها فجعل مروان يخبره ويحرضه عليهم فقال له مسلم ما ترون تمضون إلى أمير المؤمنين أو ترجعون معي فقالوا بل نمضي إلى أمير المؤمنين وقال مروان من بينهم أما أنا فأرجع معك فرجع معه مؤازرا له معينا له على أمره حتى ظفر بأهل المدينة وقتلوا وانتهبت المدينة ثلاثا وكتب مسلم بن عقبة بذلك إلى يزيد وكتب يشكر مروان بن الحكم ويذكر معونته إياه ومناصحته وقيامه معه وقدم مروان على يزيد بن معاوية الشام فشكر ذلك له يزيد وقربه وأدناه فلم يزل مروان بالشام حتى مات يزيد بن معاوية وقد كان عقد لابنه معاوية بن يزيد بالعهد بعده فبايع له الناس وأتته بيعة الآفاق إلا ما كان من بن الزبير وأهل مكة فولي ثلاثة أشهر ويقال أربعين ليلة ولم يزل في البيت لم يخرج إلى الناس كان مريضا فكان يأمر الضحاك بن قيس الفهري يصلي بالناس بدمشق فلما ثقل معاوية بن يزيد قيل له لو عهدت إلى رجل عهدا واستخلفت خليفة فقال والله ما نفعتني حيا فأتقلدها ميتا وإن كان خيرا فقد استكثر منه آل أبي سفيان لا تذهب بنو أمية بحلاوتها وأتقلد مرارتها والله لا يسألني الله عن ذلك أبدا ولكن إذا مت فليصل علي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وليصل بالناس الضحاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم ويقوم بالخلافة قائم فلما مات صلى عليه الوليد وقام بأمر الناس الضحاك بن قيس فلما دفن معاوية بن يزيد قام مروان بن الحكم على قبره فقال أتدرون من دفنتم قالوا معاوية بن يزيد فقال هذا أبو ليلى فقال أزنم الفرازي إني أرى فتنا تغلي مراجلها فالملك بعد أبي ليلى لمن غلبا واختلف الناس بالشام فكان أول من خالف من أمراء الأجناد ودعا إلى بن الزبير النعمان بن بشير بحمص وزفر بن الحارث بقنسرين ثم دعا الضحاك بن قيس بدمشق الناس سرا ثم دعا الناس إلى بيعة بن الزبير علانية فأجابه الناس إلى ذلك وبايعوه له وبلغ ذلك بن الزبير فكتب إلى الضحاك بن قيس بعهده على الشام فكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد ممن دعا إلى بن الزبير فأتوه فلما رأى ذلك مروان خرج يريد بن الزبير بمكة ليبايع له ويأخذ منه أمانا لبني أمية وخرج معه عمرو بن سعيد بن العاص فلما كانوا بأذرعات وهي مدينة ألبثنية لقيهم عبيد الله بن زياد مقبلا من العراق فقال لمروان أين تريد فأخبره فقال سبحان الله أرضيت لنفسك بهذا تبايع لأبي خبيب وأنت سيد بني عبد مناف والله لأنت أولى بها منه فقال له مروان فما الرأي قال أن ترجع وتدعو إلى نفسك وأنا أكفيك قريشا ومواليها ولا يخالفك منهم أحد فقال عمرو بن سعيد صدق عبيد الله إنك لجذم قريش وشيخها وسيدها وما ينظر الناس إلا إلى هذا الغلام خالد بن يزيد بن معاوية فتزوج أمه فيكون في حجرك وادع إلى نفسك فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يخالفوني وكان مطاعا عندهم على أن تبايع لي من بعدك قال نعم فرجع مروان وعمرو بن سعيد ومن معهما وقدم عبيد الله بن زياد دمشق يوم الجمعة فدخل المسجد فصلى ثم خرج فنزل باب الفراديس فكان يركب إلى الضحاك بن قيس كل يوم فيسلم عليه ثم يرجع إلى منزله فقال له يوما يا أبا أنيس العجب لك وأنت شيخ قريش تدعو لابن الزبير وتدع نفسك وأنت أرضى عند الناس منه فادع إلى نفسك فدعا إلى نفسه ثلاثة أيام فقال له الناس أخذت بيعتنا وعهودنا لرجل ثم تدعو إلى خلعه عن غير حدث أحدثه فلما رأى ذلك عاد إلى الدعاء لابن الزبير فأفسده ذلك عند الناس وغير قلوبهم عليه فقال عبيد الله بن زياد ومكر به من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون يبرز ويجمع إليه الخيل فاخرج عن دمشق واضمم إليك الأجناد فخرج الضحاك فنزل المرج وبقي عبيد الله بدمشق ومروان وبنو أمية بتدمر وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية بالجابية عند خالهما حسان بن مالك بن بحدل فكتب عبيد الله إلى مروان أن ادع الناس إلى بيعتك واكتب إلى حسان بن مالك فليأتك لإنه لن يردك عن بيعتك ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك فدعا مروان بني أمية ومواليهم فبايعوه وتزوج أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة وكتب إلى حسان بن مالك بن بحدل يدعوه أن يبايع له ويقدم عليه فأبى فأسقط في يدي مروان فأرسل إلى عبيد الله فكتب إليه عبيد الله أن اخرج إليه فيمن معك من بني أمية فخرج إليه مروان وبنو أمية جميعا معه وهو بالجابية والناس بها مختلفون فدعاه إلى البيعة فقال حسان والله لئن بايعتم مروان ليحسدنكم علاقة سوط وشراك نعل وظل شجرة إن مروان وآل مروان أهل بيت من قيس يريد أن مروان أبو عشرة وأخو عشرة فإن بايعتم له كنتم عبيدا لهم فأطيعوني وبايعوا خالد بن يزيد فقال روح بن زنباع بايعوا الكبير واستشبوا الصغير فقال حسان بن مالك لخالد يا بن أختي هواي فيك وقد أباك الناس للحداثة ومروان أحب إليهم منك ومن بن الزبير قال بل عجزت قال كلا فبايع حسان وأهل الأردن لمروان على أن لا يبابع مروان لأحد إلا لخالد بن يزيد ولخالد إمرة حمص ولعمرو بن سعيد إمرة دمشق فكانت بيعة مروان بالجابية يوم الإثنين للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين وبايع عبيد الله بن زياد لمروان بن الحكم أهل دمشق وكتب بذلك إلى مروان فقال مروان إن يرد الله أن يتمم لي خلافة لا يمنعنيها أحد من خلقه فقال حسان بن مالك صدقت وسار مروان من الجابية في ستة آلاف حتى نزل مرج راهط ثم لحق به من أصحابه من أهل دمشق وغيرهم من الأجناد سبعة آلاف فكان في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجالة ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقا أربعون منهم لعباد بن زياد وأربعون لسائر الناس وكان على ميمنة مروان عبيد الله بن زياد وعلى ميسرته عمرو بن سعيد وكتب الضحاك بن قيس إلى أمراء الأجناد فتوافوا عنده بالمرج فكان في ثلاثين ألفا وأقاموا عشرين يوما يلتقون في كل يوم فيقتتلون حتى قتل الضحاك بن قيس وقتل معه من قيس بشر كثير فلما قتل الضحاك بن قيس وانهزم الناس رجع مروان ومن معه إلى دمشق وبعث عماله على الأجناد وبايع له أهل الشام جميعا وكان مروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية في بعض الأمر ثم بدا له فعقد لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر به ويزهد الناس فيه وكان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره فدخل عليه يوما فذهب ليجلس مجلسه الذي كان يجلسه فقال له مروان وزبره تنح يا بن رطبة الاست والله ما وجدت لك عقلا فانصرف خالد وقتئذ مغضبا حتى دخل على أمه فقال فضحتني وقصرت بن ونكست برأسي ووضعت أمري قالت وما ذاك قال تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا ثم أخبرها بما قال فقالت له لا يسمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك وادخل علي كما كنت تدخل واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته فإني سأكفيكه وانتصر لك منه فسكت خالد وخرج إلى منزله وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة وهي امرأته فقال لها ما قال لك خالد ما قلت له اليوم وما حدثك به عني فقالت ما حدثني بشيء ولا قال لي فقال ألم يشكني إليك ويذكر تقصيري به وما كلمته به فقالت يا أمير المؤمنين أنت أجل في عين خالد وهو أشد لك تعظيما من أن يحكي عنك شيئا أو يجد من شيء تقوله وإنما أنت بمنزلة الوالد له فانكسر مروان وظن أن الأمر على ما حكت له وأنها قد صدقت ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة فنام عندها فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب على مروان ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هي وجواريها يغممنه حتى مات ثم قامت فشقت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه وقلن مات أمير المؤنين فجأة وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين وكان مروان يومئذ بن أربع وستين سنة وكانت ولايته على الشام ومصر لم يعد ذلك ثمانية أشهر ويقال ستة أشهر وقد قال علي بن أبي طالب له يوما ونظر إليه ليحملن راية ضلالة بعدما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه وبايع أهل الشام بعده لعبد الملك بن مروان فكانت الشام ومصر في يد عبد الملك كما كانتا في يد أبيه وكان العراق والحجاز في يد بن الزبير وكانت الفتنة بينهما سبع سنين ثم قتل بن الزبير بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وهو بن اثنتين وسبعين سنة واستقام الأمر لعبد الملك بن مروان بعده وكان مروان قد روى عن عمر بن الخطاب من وهب هبة لصلة رحم فإنه لا يرجع فيها وروى أيضا عن عثمان وزيد بن ثابت وبسرة بنت صفوان وروى مروان عن سهل بن سعد الساعدي وكان مروان في ولايته على المدينة يجمع أصحاب رسول الله يستشيرهم ويعمل بما ي |