إبراهيم بن أدهم ابن منصور بن يزيد بن جابر القدوة الإمام العارف سيد الزهاد أبو إسحق العجلي وقيل التميمي الخراساني البلخي نزيل الشام مولدهفي حدود المئة حدث عن أبيه ومحمد بن زياد الجمحي صاحب أبي هريرة وأبي إسحاق السبيعي ومنصور بن المعتمر ومالك بن دينار وأبي جعفر محمد بن علي وسليمان الأعمش وابن عجلان ومقاتل بن حيان حدث عنه رفيقه سفيان الثوري وشقيق البلخي وبقية بن الوليد وضمرة بن ربيعة ومحمد بن حمير وخلف بن تميم ومحمد بن يوسف الفريابي وإبراهيم بن بشار الخراساني خادمه وسهل بن هاشم وعتبة بن السكن وحكى عنه الأوزاعي وأبو إسحاق الفزاري قال البخاري قال لي قتيبة إبراهيم بن أدهم تميمي يروي عن منصور قال ويقال له العجلي وقال ابن معين هو من بني عجل وذكر المفضل الغلابي أنه هرب من أبي مسلم صاحب الدعوة قال النسائي هو ثقة مأمون أحد الزهاد وعن الفضل بن موسى قال حج والد إبراهيم بن أدهم وزوجته فولدت له إبراهيم بمكة وعن يونس البلخي قال كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث ^ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ^ المؤمنون 115 اتق الله عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته ورفض الدنيا وفي رسالة القشيري قال هو من كورة بلخ من أبناء الملوك أثار ثعلبا أو أرنبا فهتف به هاتف ألهذاخلقت أم بهذا أمرت فنزل وصادف راعيا لأبيه فأخذ عباءته وأعطاه فرسه وما معه ودخل البادية وصحب الثوري والفضيل بن عياض ودخل الشام وكان يأكل من الحصاد وحفظ البساتين ورأى في البادية رجلا علمه الاسم الأعظم فدعا به فرأى الخضر وقال إنما علمك أخي داود رواها علي بن محمد المصري الواعظ حدثنا أبو سعيد الخراز حدثنا إبراهيم بن بشار حدثني إبراهيم بن أدهم بذلك لما سألته عن بدء أمره ورويت عن ابن بشار بإسناد آخر وزاد قال فسألت بعض المشايخ عن الحلال فقال عليكم بالشام فصرت إلى المصيصة فعملت بها أياما ثم قيل لي عليك بطرسوس فإن بها المباحات فبينا أنا على باب البحر اكتراني رجل أنطر بستانه فمكثت مدة قال المسيب بن واضح حدثنا أبو عتبة الخواص سمعت إبراهيم بن أدهم يقول من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة الناس وإلا لم ينل ما يريد قال خلف بن تميم سمعت إبراهيم يقول رآني ابن عجلان فاستقبل القبلة ساجدا وقال سجدت لله شكرا حين رأيتك قال عبد الرحمن بن مهدي قلت لابن المبارك إبراهيم بن أدهم ممنسمع قال قد سمع من الناس وله فضل في نفسه صاحب سرائر وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من الخير ولا أكل مع قوم قط إلا كان آخر من يرفع يده أبو نعيم سمعت سفيان يقول كان إبراهيم بن أدهم يشبه إبراهيم الخليل ولوكان في الصحابة لكان رجلا فاضلا قال بشر الحافي ما أعرف عالما إلا وقد أكل بدينه إلا وهيب بن الورد وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط وسلم الخواص قال شقيق بن إبراهيم قلت لإبراهيم بن أدهم تركت خراسان قال ما تهنأت بالعيش إلا في الشام أفر بديني من شاهق إلى شاهق فمن رآني يقول موسوس ومن رآني يقول جمال يا شقيق ما نبل عندنا من نبل بالجهاد ولا بالحج بل كان يعقل ما يدخل بطنه قال خلف بن تميم سألت إبراهيم منذ كم قدمت الشام قال منذ أربع وعشرين سنة ما جئت لرباط ولا لجهاد جئت لأشبع من خبز الحلال وعن إبراهيم قال الزهد فرض وهو الزهد في الحرام وزهد سلامة وهو الزهد في الشبهات وزهد فضل وهو الزهد في الحلاليحيى بن عثمان البغدادي حدثنا بقية قال دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعامه فأتيته فجلس فوضع رجله اليسرى تحت أليته ونصب اليمنى ووضع مرفقه عليها ثم قال هذه جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس جلسة العبد خذوا بسم الله فلما أكلنا قلت لرفيقه أخبرني عن أشد شيء مر بك منذ صحبته قال كنا صياما فلم يكن لنا ما نفطر عليه فأصبحنا فقلت هل لك يا أبا إسحاق أن نأتي الرستن فنكري أنفسنا مع الحصادين قال نعم قال فاكتراني رجل بدرهم فقلت وصاحبي قال لا حاجة لي فيه أراه ضعيفا فما زلت به حتى اكتراه بثلثين فاشتريت من كرائي حاجتي وتصدقت بالباقي فقربت إليه الزاد فبكى وقال أما نحن فاستوفينا أجورنا فليت شعري أوفينا صاحبنا أم لا فغضبت فقال أتضمن لي أنا وفيناه فأخذت الطعام فتصدقت به وبالإسناد عن بقية قال كنا مع إبراهيم في البحر فهاجت ريح واضطربت السفينة وبكوا فقلنا يا أبا إسحاق ما ترى فقال يا حي حين لا حي ويا حي قبل كل حي ويا حي بعد كل حي يا حي يا قيوم يا محسن يا مجمل قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك فهدأت السفينة من ساعته ضمرة سمعت ابن ادهم قال أخاف أن لا أؤجر في تركي أطايب الطعام لأني لا أشتهيه وكان إذا جلس على طعام طيب قدم إلى أصحابهوقنع بالخبز والزيتون محمد بن ميمون المكي حدثنا سفيان بن عيينة قال قيل لإبراهيم ابن أدم لو تزوجت قال لو أمكنني أن أطلق نفسي لفعلت عن خلف بن تميم قال دخل إبراهيم الجبل واشترى فأسا فقطع حطبا وباعه واشترى ناطفا وقدمه إلى أصحابه فأكلوا فقال يباسطهم كأنكم تأكلون في رهن عصام بن رواد بن الجراح حدثنا أبي قال كنت ليلة مع إبراهيم بن أدهم فأتاه رجل بباكورة فنظر حوله هل يرى ما يكافئه فنظر إلى سرجي فقال خذ ذاك السرج فأخذه فسررت حين نزل مالي بمنزلة ماله قال علي بن بكار كان إبراهيم من بني عجل كريم الحسب وإذا حصد ارتجز وقال * اتخذ الله صاحبا ودع الناس جانبا * وكان يلبس فروا بلا قميص وفي الصيف شقتين بأربعة دراهم إزار ورداء ويصوم في الحضر والسفر ولا ينام الليل وكان يتفكر ويقبض أصحابه أجرته فلا يمسها بيده ويقول كلوا بها شهواتكم وكان ينطروكان يطحن بيد واحدة مدين من قمح قال أبو يوسف الغسولي دعا الأوزاعي إبراهيم بن أدهم فقصر في الأكل فقال لم قصرت قال رأيتك قصرت في الطعام بشر الحافي حدثنا يحيى بن يمان قال كان سفيان إذا قعد مع إبراهيم بن أدهم تحرز من الكلام عبد الرحمن بن مهدي عن طالوت سمعت إبراهيم بن أدهم يقول ما صدق الله عبد أحب الشهرة قلت علامة المخلص الذي قد يحب شهرة ولا يشعر بها أنه إذا عوتب في ذلك لا يحرد ولا يبرىء نفسه بل يعترف ويقول رحم الله من أهدى إلي عيوبي ولا يكن معجبا بنفسه لا يشعر بعيوبها بل لا يشعر أنه لا يشعر فإن هذا داء مزمن عصام بن رواد سمعت عيسى بن حازم النيسابوري يقول كنا بمكة مع إبراهيم بن أدهم فنظر إلى أبي قبيس فقال لو أن مؤمنا مستكمل الإيمان يهز الجبل لتحرك فتحرك أبو قبيس فقال اسكن ليس إياك أردت قال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن منصور حدثنا الحارث بن النعمان قال كان إبراهيم بن أدهم يجتني الرطب من شجر البلوطوعن مكي بن إبراهيم قال قيل لابن أدهم ما تبلغ من كرامة المؤمن قال أن يقول للجبل تحرك فيتحرك قال فتحرك الجبل فقال ما إياك عنيت وعن إبراهيم بن أدهم قال كل ملك لا يكون عادلا فهو واللص سواء وكل عالم لا يكون تقيا فهو والذئب سواء وكل من ذل لغير الله فهو والكلب سواء أخبرنا أحمد بن إبراهيم الجلودي وغيره أن عبد الله بن اللتي أخبرهم قال أنبأنا جعفر بن المتوكل أنبأنا أبو الحسن بن العلاف حدثنا الحمامي حدثنا جعفر الخلدي حدثني إبراهيم بن نصر حدثنا إبراهيم بن بشار سمعت إبراهيم بن أدهم يقول وأي دين لو كان له رجال من طلب العلم لله كان الخمول أحب إليه من التطاول والله ما الحياة بثقة فيرجى نومها ولا المنية بعذر فيؤمن عذرها ففيم التفريط والتقصير والاتكال والإبطاء قد رضينا من أعمالنا بالمعاني ومن طلب التوبة بالتواني ومن العيش الباقي بالعيش الفاني وبه قال ابن بشار أمسينا مع إبراهيم ليلة ليس لنا ما نفطر عليه فقال يا ابن بشار ماذا أنعم الله على الفقراء والمساكين من النعيم والراحة لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة ولا حج ولا صدقة ولا صلة رحم لا تغتنم فرزق الله سيأتيك نحن والله الملوك الأغنياء تعجلنا الراحة لا نبالي على أي حال كنا إذا أطعنا الله ثم قام إلى صلاته وقمت إلى صلاتي فإذا برجل قد جاء بثمانية أرغفة وتمر كثير فوضعه فقال كل يا مغمومفدخل سائل فأعطاه ثلاثة أرغفة مع تمر وأعطاني ثلاثة وأكل رغيفين وكنت معه فأتينا على قبر مسنم فترحم عليه وقال هذا قبر حميد ابن جابر أمير هذه المدن كلها كان غارقا في بحار الدنيا ثم أخرجه الله منها بلغني أنه سر ذات يوم بشيء ونام فرأى رجلا بيده كتاب ففتحه فإذا هو كتاب بالذهب لا تؤثرن فانيا على باق ولا تغترن بملكك فإن ما أنت فيه جسيم لولا أنه عديم وهو ملك لولا أن بعده هلك وفرح وسرور لولا أنه غرور وهو يوم لو كان يوثق له بعد فسارع إلى أمر الله فإن الله قال ^ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ^ آل عمران 133 فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله وموعظة فخرج من ملكه وقصد هذا الجبل فعبد الله فيه حتى مات وروي أن إبراهيم بن أدهم حصد ليلة ما يحصده عشرة فأخذ أجرته دينارا أنبأنا أحمد بن سلامة عن عبد الرحيم بن محمد أنبأنا الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا السراج سمعت إبراهيم بن بشار يقول قلت لإبراهيم بن أدهم كيف كان بدء أمرك قال غير ذا أولى بك قال قلت أخبرني لعل الله أن ينفعنا به يوما قال كان أبي من الملوك المياسير وحبب إلينا الصيد فركبت فثار أرنب أو ثعلب فحركت فرسي فسمعت نداء من ورائي ليس لذا خلقت ولا بذا أمرت فوقفت أنظر يمنة يمنة ويسرة فلم أر أحدا فقلت لعن الله إبليس ثم حركت فرسي فأسمع نداء أجهر من ذلك يا إبراهيم ليس لذا خلقت ولا بذا أمرت فوقفت أنظر فلا أرى أحدا فقلت لعن الله إبليس فأسمع نداء من قربوس سرجيبذاك فقلت أنبهت أنبهت جاءني نذير والله لا عصيت الله بعد يومي ما عصمني الله فرجعت إلى أهلي فخليت فرسي ثم جئت إلى رعاة لأبي فأخذت جبة كساء وألقيت ثيابي إليه ثم أقبلت إلى العراق فعملت بها أياما فلم يصف لي منها الحلال فقيل لي عليك بالشام فذكر حكاية نطارته الرمان وقال الخادم له أنت تأكل فاكهتنا ولا تعرف الحلو من الحامض قلت والله ما ذقتها فقال أتراك لو أنك إبراهيم بن أدهم فانصرف فلما كان من الغد ذكر صفتي في المسجد فعرفني بعض الناس فجاء الخادم ومعه عنق من الناس فاختفيت خلف الشجر والناس داخلون فاختلطت معهم وأنا هارب قد سقت أخبار إبراهيم في تاريخي أزيد مما هنا وأخباره في تاريخ دمشق وفي الحلية وتآليف لابن جوصا وأخباره التي رواها ابن اللتي وأشياء وثقه الدارقطني وتوفي سنة اثنتين وستين ومئة وقبره يزار وترجمته في تاريخ دمشق في ثلاثة وثلاثين ورقة |