أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي الحكيم المشهور وهو عم حنظلة بن الربيع بن صيفي الصحابي المشهور قال بن عبد البر ذكره بن السكن في الصحابة فلم يصنع شيئا والحديث الذي ذكره هو ولما بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه قال فليأتي من يبلغه عني ويبلغني عنه قال فانتدب له رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا نحن رسل أكثم بن صيفي وهو يسألك من أنت وما أنت وبما جئت قال أنا محمد بن عبد الله وأنا عبد الله ورسوله ثم تلي عليهم { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } الآية فأتيا أكثم فقالا له ذلك قال أي قوم إنه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها فكونوا في هذا الأمر رؤوسا ولا تكونوا فيه أذنابافلم يلبث أن حضرته الوفاة فقال أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم فذكر باقي الحديث في وصيته قال بن السكن حدثنا بن صاعد حدثنا الحسن بن داود عن محمد بن المنكدر حدثنا عمر بن علي المقدمي عن علي بن عبد الملك عن عمير عن أبيه فذكره وهو مرسل قال بن عبد البر ليس في هذا الخبر ما يدل على إسلامه قال بن فتحون قد ذكره الباوردي في الصحابة كما ذكره بن السكن وأخرج الخبر عن إبراهيم بن يوسف عن المنكدر لكن قد ذكره الأموي في المغازي قال حدثني عمي عن عبد الله بن زياد حدثني بعض أصحابنا عن عبد الملك بن عمير نحوه وزاد أنه قرب له بعيرا فركب متوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قال ويقال نزلت فيه هذه الآية ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله الآية وعبد الله بن زياد هو بن سمعان أحد المتروكين فهذا لو صح لكان حجة على بن عبد البر في كونه أسلم ويكون على شرطه في إخراجه أمثاله في كتابه ممن لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت له شاهدا ذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عمرو بن محمد السعدي عن عامر الشعبي قال سألت بن عباس عن هذه الآية فقال نزلت في أكثم بن صيفي قلت فأين الليثي قال كان هذا قبل الليثي بزمان وهي خاصة عامة وروى أبو حاتم أيضا في المعمرين عن رشدين بن كريب عن أبيه عن أبن عباس أن الآية المذكورة نزلت فيهوقال الأصمعي حدثنا أبو حاضر الأسدي عن أبيه قال كان فيما أوصى به أكثم بن صيفي ولده عند خروجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر قصته وقال العسكري في الصحابة في فصل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه روى أهل الأخبار أنه خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن بن أخ له غور طريقهم ليرجع ففقد الماء فرجع فمات عطشا وقد تبع بن منده بن السكن في إخراجه وأخرج الخبر المذكور عنه ولم يزد على ذلك ثم أخرج أكثم بن صيفي قال وهو بن عبد العزى فسرد نسب أكثم بن الجون الخزاعي ثم قال أكثم بن الجون فذكر له ترجمة على حدة فهذا معدود في أغلاطه ثم وجدت قصة أكثم التي أشار إليها العسكري في كتاب الصحابة مطولة وفيها التصريح بإسلامه وقال أبو حاتم في المعمرين لما سمع أكثم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه ابنه حبيشا ليأتيه بخبره وقال يا بني إني أعظك بكلمات فخذ بهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع فذكر قصة طويلة فيها فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو إن الله أمرني أن أقول لا إله إلا الله فقال أكثم لابنه ماذا رأيت قال رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها فجمع أكثم قومه ودعاهم إلى اتباعه وقال لهم إن سفيان بن مجاشع سمي ابنه محمدا حبا في هذا الرجل وإن اسقف نجران كان يخبر بأمره وبعثه فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخرا فقال لهم مالك بن نويرة إن شيخكم خرف فقال أكثم ويل للشجي من الخلي والله ما عليك آسى ولكن على العامة ثم نادى في قومه فتبعه منهم مائة رجل منهم الأقرع بن حابس وسلمى بن القين وأبو تميمة الهجيمي ورباح بن الربيع والهنيد وعبد الرحمن بن الربيع وصفوان بن أسيد فساروا حتى إذا كانوا دون المدينة بأربع ليال كره ابنه حبيش ميسره فأدلج على إبل أصحاب أبيه فنحرها وشق قربهم ومزاداتهم فأصبحوا ليس معهم ماء ولا ظهر فجهدهم العطش وأيقن أكثم بالموت فقال لأصحابه اقدموا على هذا الرجل وأعلموه بأني أشهد أن لا أله إلا الله وأنه رسول الله انظروا إن كان معه كتاب بإيضاح ما يقول فآمنوا به واتبعوه وآزروه قال فقدموا عليه فأسلموا قال فبلغ حاجبا ووكيعا خروج أكثم فخرجا في أثره فلما مرا بقبره أقاما به ونحرا عليه جزورا ثم قدما على أصحابه فقالا لهم ماذا أمركم به أكثم قالوا أمرنا بالإسلام قال فأسلما معهم قال أبو حاتم عاش أكثم ثلاثمائة وثلاثين سنة وكان أبوه صيفي أيضا من المعمرين عاش مائتين وسبعين سنة ويقال بل عاش أكثم مائة وتسعين سنة قلت وأنشد له المرزباني % وإن امرئ عاش تسعين حجة % إلى مائة لم يسأم العيش جاهل % أتت مائتان غير عشر وفائها % وذلك من مر الليالي قلائل وذكر الخطيب هذين البيتين بسنده إلى أبي حاتم ونقل عنه أنه كان يقول إنما قلب الرجل مضغة منه وإنه ينحل كما ينحل سائر جسده وقال الخطيب وكانت له حكمة وبلاغة