عيسى المسيح بن مريم الصديقة بنت عمران بن ماهان بن الغار رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ذكره الذهبي في التجريد مستدركا على من قبله فقال عيسى بن مريم رسول الله رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وسلم عليه فهو نبي وصحابي وهو آخر من يموت من الصحابة وألغزه القاضي تاج الدين السبكي في قصيدته في آخر القواعد له فقال % من باتفاق جميع الخلق أفضل من % خير الصحاب أبي بكر ومن عمر % ومن علي ومن عثمان وهو فتى % من أمة المصطفى المختار من مضروأنكر مغلطاي على من ذكر خالد بن سنان في الصحابة كأبي موسى وقال إن كان ذكره لكونه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فكان ينبغي له أن يذكر عيسى وغيره من الأنبياء أو من ذكره هو من الأنبياء غيرهم ومن المعلوم أنهم لا يذكرون في الصحابة انتهى ويتجه ذكر عيسى خاصة لأمور اقتضت ذلك أولها أنه رفع حيا وهو على أحد القولين الثاني أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس على قول ولا يكفي اجتماعه به في السماء لأن حكمه من حكم الظاهر الثالث أنه ينزل إلى الأرض كما سيأتي بيانه فيقتل الدجال ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فبهذه الثلاث يدخل في تعريف الصحابي وهو الذي عول عليه الذهبي وقد رأيت أن أذكر له ترجمة مختصرة ساق بن إسحاق في كتاب المبتدأ نسب مريم إلى داود عليه السلام فكان بينها وبينه ستة وعشرون أبا وكانت أم مريم لا تحمل فرأت طيرا يزق فرخا فاشتهت الولد فاتفق أن حملت فنذرت إن تم حملها ووضعت أن تجعل حملها خادما لبيت المقدس وكانوا يفعلون ذلك الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال جمعهم فجعلهم أرواحا ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا فأخذ عليهم العهد والميثاق أن لا إله غيره وأن روح عيسى كانت في تلك الأرواح فأرسل إلى مريم ذلك الروح فسئل مقاتل بن حيان أين دخل ذلك الروح فذكر عن أبي العالية عن أبي أنه دخل من فيها أخرجه أبو جعفر الفريابي في كتاب القدر وعبد الله بن أحمد في زيادات كتاب الزهد وسنده قويوثبت في الصحيحين من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من وليد إلا ويمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا إلا مريم وابنها وأخرجه مسلم من طريق أبي يونس وأحمد من طريق عجلان وعن طريق الأعرج من طريق عبد الرحمن بن يعقوب والطبري من طريق أبي سلمة ومن طريق أبي صالح كلهم عن أبي هريرة وذكر السدي في تفسيره بأسانيد إلى بن مسعود وغيره أن أخت مريم قالت لمريم أشعرت أني حبلى قالت نعم فأنا حبلى قالت فإني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك وذكره مالك من رواية بن القاسم عنه قال بلغني أن عيسى ويحيى ابنا خالة وكان حملهما معا فذكره بمعناه أخرجه بن أبي حاتم من طريقه وقد ثبت في حديث إلاسراء أن عيسى ويحيى ابنا خالة ومن طريق مجاهد قال قالت مريم كنت إذا خلوت به حدثني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني واختلف في مدة حملها به فقيل ساعة وقيل ثلاث وقيل تسع ساعات وقيل ثمانية أشهر وقيل سنة وقيل تسعة أشهر وقال بن إسحاق لما ظهر حملها لم يدخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وتكلم فيها اليهود فتوارت مريم عنهم واعتزلتهم فكان ما قص الله تعالى عنها في سورة مريم في قوله تعالى فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى قوله رطبا جنيا فجاء عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أطعموا نساءكم حتى الحاملات الرطب فإن لم يكن رطب فتمر فليس من الشجر شجرة أكرمعلى الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران الحديث وفيه أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطينة التي خلق منها آدم وفي سنده ضعف وانقطاع والمشهور أنها ولدته ببيت لحم من بيت المقدس وأخرجه النسائي من حديث أنس مرفوعا بسند لا بأس به وله شاهد عند البيهقي من حديث شداد بن أوس وجاء عن وهب بن منبه أنها ولدته بمصر وجزم غيره بأنها ولدته ببيت لحم فخافت عليه فتوجهت به إلى مصر فنشأ بها حتى صار عمره اثنتي عشرة سنة وقيل إنها لم تحض قبل الحمل به إلا حيضة واحدة وذكر وهب أنه لما ولد تكسرت الأصنام في الشرق والغرب واشتهر أمره منذ تكلم في المهد وظهرت على يده الخوارق واختلف متى تكلم بعد أن قال في المهد ما قال ففي تفسير مقاتل عن الضحاك عن بن عباس لم يتكلم بعد حتى بلغ ما يبلغ الأطفال الكلام فنطق بالحكمة وذكر أبو حذيفة البخاري في المبتدا وهو واهي الحديث من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد ومن طريق مكحول عن أبي هريرة قال أول ما نطق لسان عيسى به بعد كلامه في المهد أنه مجد الله تمجيدا لم تسمع الآذان مثله وكان كلامه في المهد وهو بن أربعين يوما وذكر السدي بأسانيد عن مشايخه في حديث ذكره أن ملكا من ملوك بني إسرائيل مات وحمل على سريره فجاء عيسى فدعا الله فأحياه وأخرج أبو داود في كتاب القدر من طريق معمر عن الزهري عن بن طاوس عن أبيه قال لقي عيسى إبليس فقال أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك قال نعم قال فارق بذروة هذا الجبل فتردى منه فانظر تعيش أو لا قال عيسى أما علمت أن الله قال لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت لفظ طاوس وفي رواية الزهريفقال عيسى إن العبد لا يبتلي ربه لكن الله يبتلي عبده وأخرجه من طريق خليد بن زيد عن طاوس وأخرجه بن أبي الدنيا من وجه آخر نحوه ونشأ عيسى زاهدا في الدنيا لم يتخذ بيتا ولا زوجة وكان يسبح في الأرض ويتقوت بما يخرج منها ولا يدخر شيئا وكان يخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون كما قال الله تعالى ويحيى الموتي ويخلق الطير فقيل هو الخفاش قيل كان لا يعيش إلا يوما واحدا وقال وهب كان يطير بحيث يغيب عن الأعين فيقع ميتا ليتميز خلق الله من فعل غيره وقال الثعلبي إنما خص الخفاش لأنه يجتمع فيه الطير والدابة فله ثدي وأسنان ويحيض ويلد ويطير واتفق أن عصر عيسى كان فيه أعيان الأطباء فكان من معجزاته الإتيان بما لا قدرة لهم عليه وهو إبراء ألاكمه والأبرص ونزلت عليه المائدة وأرسل إلى بني إسرائيل وعلم التوراة وأنزل عليه الإنجيل فكان يقرؤهما ويدعو إليهما فكذبه اليهود وصدقه الحواريون فكانوا أنصاره وأعوانه وأرسلهم إلى من بعث إليه يدعونهم إلى التوحيد ثم إن اليهود تماثلوا على قتله فألقى الله شبهه على واحد من أتباعه ورفعه الله فأخذوا ذلك الرجل فقتلوه وصلبوه وظنوا أنهم قتلوا عيسى فاكذبهم الله في ذلك وثبت في الصحيحين عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف عيسى فقال ربعة آدم كأنما خرج من ديماس أي حمام وفي لفظ آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال وفي لفظ سبط الشعروفي البخاري من حديث بن عباس رفعه رأيت ليلة أسري بي فذكر الحديث وفيه ورأيت عيسى أحمر ربعة سبطا ومن حديث أبي هريرة مثله وعند أحمد من طريق عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة رفعه ينزل عيسى ويكسر الصليب الحديث وفيه وتعطل الملل كلها فلا يبقى إلا الإسلام ويقع الأمن في الأرض وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده يوشك أن ينزل عليكم عيسى بن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال الحديث وفي صحيح مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق وفيهما عنه ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدجال وقال النووي في ترجمته في تهذيب الأسماء إذا نزل عيسى كان مقررا للشريعة المحمدية لا رسولا إلى هذه الأمة ويصلي وراء إمام هذه الأمة تكرمة من الله لها من أجل نبيها وفي الصحيح كيف إذا نزل عيسى بن مريم وإمامكم منكم قال وقد جاء أنه يتزوج بعد نزوله ويولد له ويدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم انتهى واختلف في مدة إقامته في الأرض بعد أن ينزل آخر الزمان فقيل سبع سنين وقيل أربعين وقيل غير ذلك وقد وقع عند أحمد من حديث أبي هريرة بسند صحيح رفعه أنه يلبث في الأرض مدة أربعين سنة واختلف في عمره في الدنيا منذ ولد إلى أن رفع فقيل ثلاث وثمانون سنة وهذا أشهر وقيل أربع وثمانون وفي مرسل سعيد بن المسيب أنه عاش ثمانين ذكره من رواية علي بن زيد عنه وهو ضعيف وفي مستدرك الحاكم عن فاطمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها أن عيسى عاش مائة وعشرين سنة في حديث ذكره وأخرج النسائي وابن ماجة من طريق الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما أراد الله أن يرفع عيسى خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلا فقال إن منكم من يكفر بي بعد أن آمن ثم قال أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني فيكون رفيقي في الجنة فقام شاب أحدثهم سنا فقال أنا قال اجلس ثم عاد فعاد فقال اجلس ثم عاد فعاد الثالثة فقال أنت هو فألقى عليه شبهه وأخذ الشاب فصلب بعد أن رفع عيسى إلى السماء من البيت وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشاب وهذا أصح مما حكاه الفراء أن رأس الجالوت وهو كبير اليهود هجم البيت الذي فيه عيسى فألقى الله شبه عيسى عليه ورفع عيسى فخرج على اليهود والسيف في يده مشهور فقال لم أجد عيسى فرأوا شبهه عليه فقالوا أنت عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه