المقوقس هو لقب واسمه جريج بن مينا بن قرقب ومنهم من لم يذكر مينا كما جزم به أبو عمر الكندي في أمراء مصر فقال المقوقس بن قرقوب أمير القبط بمصر من قبل ملك الروموذكره بن منده في الصحابة فقال مقوقس صاحب الإسكندرية روى عنه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ثم ساق من طريق حسين بن حسن الأسواري حدثنا مندل بن علي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله حدثني المقوقس قال أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قدح قوارير وكان يشرب فيه قال ورواه إسماعيل بن عمرو عن مندل بإسناده فقال عن بن عباس قال إلى المقوقس أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرجه أبو نعيم كذلك وأخرجه بن قانع قبلهما لكنه لم يقل صاحب الإسكندرية وساق الحديث من طريق الحسين بن الحسن وقد أنكر بن الأثير ذكره فقال لا مدخل له في الصحابة فإنه لم يسلم وما زال نصرانيا ومنه فتح المسلمون مصر في خلافة عمر فلا وجه لذكره ولهما أمثال هذا قلت لولا قول بن منده صاحب الإسكندرية لاحتمل أن يكون ظنه غيره كما هو ظاهر صنيع بن قانع وإن كان لم يصب بذكره في الصحابة وإهداء المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبوله هديته مشهور عند أهل السير والفتوح قال أبو القاسم بن عبد الحكم في فتوح مصر حدثنا هشام بن إسحاق وغيره قالوا لما كانت سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من الحديبية بعث إلى الملوك فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس فلما انتهى إلى الإسكندرية وجده في مجلس مشرف على البحر فركب البحر فلما حاذى مجلسه أشار بالكتاب بين إصبعيه فلما رآه أمر به فأوصل إليه فلما قرأه قال ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علي فيسلط علي فقال له حاطب ما منع عيسى أن يدعو على من أراده بالسوء قال فوجم لها ثم قال له أعد فأعاد ثم قال له حاطب إنه كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلىفانتقم الله منه فاعتبر به وإن لك دينا لن تدعه إلى إلى دين هو خير منه وهو الإسلام وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارته بمحمد ولسنا ننهاك عن دين عيسى بل نأمرك به فقرأ الكتاب فإذا فيه من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى فذكر مثل الكتاب إلى هرقل فلما فرغ أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه ثم ساق من طريق أبان بن صالح قال أرسل المقوقس إلى حاطب فقال أسالك عن ثلاث فقال لا تسألني عن شيء إلا صدقتك قال إلام يدعو محمد قلت إلى أن يعبد الله وحده ويأمر بالصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة ويأمر بصيام رمضان وحج البيت والوفاء بالعهد وينهى عن أكل الميتة والدم إلى أن قال صفه لي قال فوصفته فأوجزت قال قد بقيت أشياء لم تذكرها في عينيه حمرة قلما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوة يركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزئ بالتمرات والكسر ولا يبالي من لاقى من عم ولا بن عم قال هذه صفته وقد كنت أظن أن مخرجه بالشام وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله فأراه قد خرج في أرض العرب في أرض جهد وبؤس والقبط لا تطاوعني في اتباعه وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما ها هنا وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا ولا أحب أن يعلم بمحادثتي إياك أحد قال أبو القاسم وحدثنا هشام بن إسحاق وغيره قال ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب لمحمد بن عبد الله من المقوقس سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وذكر نحو ما ذكر لحاطب وزاد وقد أكرمت رسولك وأهديت إليك بغلة لتركبها وبجاريتين لهما مكان في القبط وبكسوة والسلام وقال أبو القاسم أيضا حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا بن لهيعة حدثني يزيدبن أبي حبيب أن المقوقس لما أتاه الكتاب ضمه إلى صدره وقال هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته في كتاب الله وإنا نجد من نعمته أنه لا يجمع بين أختين وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وأن جلساءه المساكين ثم دعا رجلا عاقلا ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها فبعث بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث بغلة شهباء وحمارا أشهب وثيابا من قباطى مصر وعسلا من عسل بنها وبعث إليه بمال وصدقة وأمر رسوله أن ينظر من جلساؤه وينظر إلى ظهره هل يرى شامة كبيرة ذات شعرات ففعل ذلك فقدم الأختين والدا بتين والعسل والثياب وأعلمه أن ذلك كله هدية فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية ولما نظر إلى مارية وأختها أعجبتاه وكره أن يجمع بينهما فذكر القصة وسيأتي في ترجمة مارية إن شاء الله تعالى قال وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه وسمى البغلة دلدل وسمى الحمار يعفور وأعجبه العسل فدعا في عسل بنها بالبركة وبقيت تلك الثياب حتى كفن في بعضها وكذا قال والصحيح ما في الصحيح في حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثياب يمانية وذكر الواقدي حدثنا محمد بن يعقوب الثقفي عن أبيه قال حدثنا عبد الملك بن عيسى وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفيان وغيرهم كل حدثني بطائفة من الحديث عن المغيرة بن شعبة في قصة خروجهم من الطائف إلى المقوقس بأنهم لما دخلوا على المقوقس قال لهم كيف خلصتم إلى ومحمد وأصحابه بيني وبينكمقالوا لصقنا بالبحر قال فكيف صنعتم فيما دعاكم إليه قالوا ما تبعه منا رجل واحد قال فكيف صنع قومه قالوا تبعه أحداثهم وقد لاقاه من خالفه في مواطن كثيرة قال فإلى ماذا يدعو قالوا إلى أن نعبد الله وحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا ويدعو إلى الصلاة والزكاة ويأمر بصلة الرحم ووفاء العهد وتحريم الزنا والربا والخمر فقال المقوقس هذا نبي مرسل إلى الناس كافة ولو أصاب القبط والروم لاتبعوه وقد أمرهم بذلك عيسى وهذا الذي تصفون منه بعث به الأنبياء من قبله وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد ويظهر دينه إلى منتهى الخف والحافر فقالوا لو دخل الناس كلهم معه ما دخلنا معه فأنغص المقوقس رأسه وقال أنت في اللعب ثم سألهم عن نحو ما وقع لهم في قصة هرقل وفي آخره فما فعلت يهود يثرب قلنا خالفوه فأوقع بهم قال هم قوم حسد أما إنهم يعرفون من أمره مثل ما نعرف فذكر قصة المغيرة فيما فعله برفقته ثم إسلامه بطولها وقد ذكر بن عبد الحكم في فتوح مصر عن عثمان بن صالح عن بن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر وغيره في حصار عمرو بن العاص القبط في الحصن إلى أن قال فلما خاف المقوقس على نفسه ومن تبعه فحينئذ سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه فذكر القصة ومن طريق خالد بن مرثد عن جماعة من التابعين أن المقوقس سبح هو وخواص القبط إلى الجزيرة واستخلف الأعيرج على الحصن ثم ذكر عن المقوقس استمراره على الصلح مع المسلمين لما نقض الروم العهد إلى غير ذلك مما يدل على أنه تمادي على النصرانية إلى أن مات وقصته في ذلك شبيهة بقصة هرقل كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى