أبو ذر الغفاري الزاهد المشهور الصادق اللهجة مختلف في اسمه واسم أبيه والمشهور أنه جندب بن جنادة بن سكن وقيل بن عبد الله وقيل اسمه بربر وقيل بالتصغير والاختلاف في أبيه كذلك إلا في السكن قيل يزيد وعرفة وقيل اسمه هو السكن بن جنادة بن قيس بن بن عمرو بن مليل بلامين مصغرا بن صعير بمهملتين مصغرا بن حرام بمهملتين بن غفار وقيل اسم جده سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار واسم أمه رملة بنت الوقيعة غفارية أيضا ويقال إنه أخو عمرو بن عبسة لأمه وقع في رواية لابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر يا جنيدب بالتصغيروهذا الاختلاف في اسمه واسم أبيه أسنده كله بن عساكر إلى قائليه وقال هو إن بريرا تصحيف بريق وكذا زيد ويزيد وعرفة وكان من السابقين إلى الإسلام وقصة إسلامه في الصحيحين على صفتين بينهما اختلاف ظاهر فعند البخاري من طريق أبي حمزة عن بن عباس قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الأخ حتى قدم وسمع من قوله ثم رجع إلى أبا ذر فقال له رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ويقول كلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فاضطج فرآه علي فعرف أنه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال أما آن للرجل أن يعرف منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل أحدهما صاحبه عن شيء حتى كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأقامه فقال ألا تحدثني ما الذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا أن ترشدني فعلت ففعل فأخبره فقال إنه حق وإنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه وسمع من قوله فأسلم مكانه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري فقال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتىأتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه وقال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه وعند مسلم من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذر في قصة إسلامه وفي أوله صليت قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم حيث وجهني الله وكنا نزلا مع أمنا على خال لنا فأتاه رجل فقال له إن أنيسا يخلفك في أهلك فبلغ أخي فقال والله لا أساكنك فارتحلنا فانطلق أخي فأتى مكة ثم قال لي أتيت مكة فرأيت رجلا يسميه الناس الصابىء هو أشبه الناس بك قال فأتيت مكة فرأيت رجلا فقلت أين الصابىء فرفع صوته علي فقال صابىء صابىء فرماني الناس حتى كأني نصب أحمر فاختبأت بين الكعبة وبين أستارها ولبثت فيها بين خمس عشرة من يوم وليلة ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم قال ولقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد دخلا المسجد فوالله إني لأول الناس حياة بتحية الإسلام فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام ورحمة الله من أنت فقلت رجل من بني غفار فقال صاحبه ائذن لي يا رسول الله في ضيافته الليلة فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة فقبض لي قبضات من زبيب قال فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت قال فإني على دينك فانطلقنا إلى أمنا فقالت فإني على دينكما قال وأتيت قومي فدعوتهم فتبعني بعضهم وروينا في قصة إسلامه خبرا ثالثا تقدمت الإشارة إليه في ترجمة أخيه أنيس ويقال إن إسلامه كان بعد أربعة وانصرف إلى بلاد قومه فأقام بها حتى قدم رسول اللهصلى الله عليه وسلم المدينة ومضت بدر وأحد ولم تتهيأ له الهجرة إلا بعد ذلك وكان طويلا أسمر اللون نحيفا وقال أبو قلابة عن رجل من بني عامر دخلت مسجد منى فإذا شيخ معروق آدم عليه حلة قطرى فعرفت أنه أبو ذر بالنعت وفي مسند يعقوب بن شيبة من رواية سلمة بن الأكوع أن أبا ذر كان طويلا وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدىء أبا ذر إذا حضر ويتفقده إذا غاب وأخرج أحمد من طريق عراك بن مالك قال قال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد نشب فيها بشيء غيري رجاله ثقات إلا أن عراك بن مالك عن أبي ذر منقطع وقد أخرج أبو يعلى معناه من وجه آخر عن أبي ذر متصلا لكن سنده ضعيف قال الإمام أحمد في كتاب الزهد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو سمعت عراك بن مالك يقول قال أبو ذر إني لأقربكم مجلسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أقربكم مني مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد نشب فيها بشيء غيري وهكذا أورده في المسند وأظنه منقطعا لأن عراكا لم يسمع من أبي ذرروى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أنس وابن عباس وأبو إدريس الخولاني وزيد بن وهب الجهني والأحنف بن قيس وجبير بن نفير وعبد الرحمن بن تميم وسعيد بن المسيب وخالد بن وهبان بن خالة أبي ذر ويقال بن أهبان وقيل بن أخيه وامرأة أبي ذر وعبد الله بن الصامت وخرشة بن الحر وزيد بن ظبيان وأبو أسماء الرحبي وأبو عثمان النهدي وأبو الأسود الدؤلي والمعرور بن سويد ويزيد بن شريك وأبو مراوح الغفاري وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن حجيرة وعبد الرحمن بن شماسة وعطاء بن يسار وآخرون قال أبو إسحاق السبيعي عن هانئ بن هانئ عن علي أبو ذر وعاء ملىء علما ثم أوكىء عليه أخرجه أبو داود بسند جيد وأخرجه أبو داود أيضا وأحمد عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر وفي الباب عن علي وأبي الدرداء وأبي هريرة وجابر وأبي ذر طرقها بن عساكر في ترجمته وقال الآجري عن أبي داود لم يشهد بدرا ولكن عمر ألحقه بهم وكان يوازي بن مسعود في العلم وفي السيرة النبوية لابن إسحاق بسند ضعيف عن بن مسعود قال كان لا يزال يتخلف الرجل في تبوك فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول دعوه فإن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه فتلوم أبو ذر على بعيره فأبطأ عليه فأخذ متاعه على ظهره ثم خرج ماشيا فنظر ناظر من المسلمين فقال إن هذا الرجل يمشي على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا ذر فلما تأملت القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال يرحم الله أبا ذر يعيش وحده ويموت وحده ويحشر وحده فذكر قصة موته وفي وكانت وفاته بالربذة سنة إحدى وثلاثين وقيل في التي بعدها وعليه الأكثر ويقال إنه صلى عليه عبد الله بن مسعود في قصة رويت بسند لا بأس به وقال المدائني إنه صلى عليه بن مسعود بالربذة ثم قدمالمدينة فمات بعده بقليل